التصلُّب المتعدد وحالات الصداع النصفي: استكشاف الرابط المفقود
نظرة على العلاقة بين حالات الصداع ومرض التَّصلب المتعدد.
نظرة على العلاقة بين حالات الصداع ومرض التَّصلب المتعدد.
كما لو أن التعايش مع إحدى حالات المناعة الذاتية المُزمِنة أمر لا يسبب صداعًا بما يكفي في حد ذاته، فإن العديد من الأشخاص المصابين بمرض التصلُّب المتعدد يُصابون، بصفة منتظمة، بحالات صداع حقيقية أيضًا. هناك أدلة تشير إلى أنه مع ترقي مرض التصلُّب المتعدد، تصبح حالات الصداع أكثر تكرارًا.
على الرغم من أنه لا يُعتَبَر عرضًا نموذجيًّا للحالة، فإن هناك أدلة على حدوث حالات الصداع بشكل أكثر تكرارًا لدى الأشخاص المصابين بمرض التصلُّب المتعدد منه لدى الشريحة العامة . تختلف أنواع حالات الصداع وشدتها من شخص لآخر، فهناك حالات الصداع الناجمة عن التوتر (وجع طفيف في جبهتك أو على جانبي رأسك ومؤخرتها) وحالات الصداع النصفي بدون هالة (تتمثل عادةً في حدوث صداع نابض من جانب واحد مصحوب بحساسية تجاه الضوء وحساسية تجاه الضوضاء وغثيان وهياج) ؛ وهذه الحالات تميل إلى أن تكون الأكثر شيوعًا في الإبلاغ عنها.
بالنسبة لبعض الأشخاص، تكون حالات الصداع هي العلامة الأولى للإصابة بمرض التصلُّب المتعدد. على سبيل المثال، وجدت دراسة استقصائية شملت 78 شخصًا يعانون من هذه الحالة أن ثلثيهم تعرَّضوا لحالات صداع قبل أن يلاحظوا أي علامات أخرى لحالتهم. يبدو أن معدَّل تكرار حالات الصداع يختلف أيضًا – فوجدت الدراسة الاستقصائية نفسها أن نصف المجموعة المصابة بمرض التصلُّب المتعدد تعرَّضوا لحالات صداع مرة واحدة في الأسبوع على الأقل.
الصداع النصفي المُصاحِب لمرض التصلُّب المتعدد – هل يشكل مشكلة؟
هناك ارتباط واضح بين حالات الصداع النصفي ومرض التصلُّب المتعدد. وجدت إحدى الدراسات التي أجريت على أكثر من 100.000 شخص أن هناك ارتباطًا بين حالات الصداع النصفي والاحتمالية المرتفعة للتعرُّض لخطر الإصابة بمرض التصلُّب المتعدد، بينما وجدت دراسة أخرى أن حالات الصداع النصفي كانت أكثر شيوعًا بمقدار ثلاث مرات لدى الأشخاص المصابين بمرض التصلُّب المتعدد. في الدراسة الاستقصائية الصغيرة المذكورة أعلاه، تعرَّض 43٪ من الأشخاص لحالات صداع نصفي مصحوبة بدوخة وعدم وضوح بالرؤية وضيق. يبدو أن حالات الصداع النصفي هذه على وجه الخصوص تكون أكثر شيوعًا بعد تشخيص الإصابة بمرض التصلُّب المتعدد، وتزداد سوءًا لدى الكثير من الأشخاص مع حدوث الانتكاس.
لا يفهم العلماء تمامًا الصلة بين حدوث الصداع ومرض التصلُّب المتعدد – هل حالات الصداع ترجع إلى التغيُّرات التي تحدث في المخ والتي تسببها الحالة أم العكس هو الصحيح. فعلى سبيل المثال، نحن نعلم أن حالات الصداع النصفي يجري الإبلاغ عنها بشكل أكثر شيوعًا في الأشكال الانتكاسية لمرض التصلُّب المتعدد، في حين أن حالات الصداع الناجمة عن التوتر تكون أكثر تكرارًا في حالات التصلُّب المتعدد المترقي. علاوة على ذلك، يبدو أن حالات الصداع التي تصيب الأشخاص المصابين بمرض التصلُّب المتعدد تكون احتمالية حدوثها أكبر إذا تأثر جذع المخ، وخاصةً وجود إصابة في المادة الرمادية المُحِيْطَة بالمَسَال - وهي منطقة من الدماغ المُتَوَسِّط تلعب دورًا في معالجة إشارات الألم. مع ذلك، يُمكِن أن يكون هناك أيضًا شيء متعلق بحالات الصداع النصفي يجعل المخ أكثر عُرضة للإصابة بمرض التصلُّب المتعدد. لا نعرف حتى الآن مدى صحة ذلك.
إذا كنت قلقًا من أن ما تُعانيه من حالات صداع نصفي هو علامة على ترقي مرض التصلُّب المتعدد لديك، فلا تقلق. في حين أنه من الصحيح أن حالات الصداع النصفي تكون أكثر شيوعًا لدى الأشخاص الذين يعانون من مرض التصلُّب المتعدد المصحوب بأعراض أكثر، إلا أنه لا يبدو أنها مرتبطة بوجود احتمالية أكبر لحدوث الإعاقة أو زيادة حمل الإصابة في فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي.
اكتشاف مسببات الصداع وتجنبها
ليس معنى ذلك أن الألم الذي يعصف بالرأس سيتوقف عن إفساد يومك - فقد أبلغ ما يصل إلى ثلث الأشخاص عن حدوث حالات من "التعب، والهياج، وصعوبة التركيز، والقصور في ممارسة الأنشطة اليومية" عند تعرُّضهم للصداع، مع نسبة 39٪ منهم يحتاجون إلى الراحة أثناء الانتكاسات.
قد يكون من المفيد تدوين الأسباب التي تسبب لك الشعور بالصداع - وتشمل المسببات الشائعة الضوء الساطع، والضوضاء الصاخبة، وبعض الأطعمة - لذا من المأمول أن يؤدي تجنب هذه المسببات إلى تقليل معدل تكرار حدوث الانتكاسات وشدتها. تلاحظ بعض السيدات أيضًا نمطًا شهريًّا لحالات الصداع النصفي، وفي هذه الحالة قد يتم ربطها بدورات الحيض (قد يكون من المفيد استخدام تطبيقات مثل "Period Tracker" أو "Clue" للوقوف على ذلك الأمر) .
سواء كان بإمكانك اكتشاف مسبب واضح أم لا، فمن الجدير بالتأكيد مناقشة المشكلة مع طبيبك/طبيبتك. فهو/فهي بدوره/بدورها سيتمكن/ستتمكن من تقديم المشورة إليك بشأن أفضل أشكال تخفيف الألم عند التعرُّض لحالات الصداع.
وأخيرًا، في المرة القادمة التي تشعر فيها بألم نابض في صدغك، كن لطيفًا مع نفسك. ارتدِ نظارة شمسية، وأحضر لحافًا، واسترخِ على الأريكة وامنح نفسك وقتًا للراحة. لا توجد جوائز للأبطال الذين يواجهون الصداع - ولو أنها كانت موجودة، فمن المُحتَمَل أن يكون لديك خزانة جوائز ممتلئة الآن!