إن ترقي مرض التصلُّب المتعدد ليس الانتقال ببساطة من مرحلة مرض التصلُّب المتعدد المنتكس المعاود إلى التصلُّب المتعدد المُترقي الثانوي بين عشية وضحاها. فالأعراض لا تتفاقم فجأة؛ حيث إن مرض التصلب المتعدد كالسلسلة وقد تحدث تغيرات على مدار فترة طويلة، حتى بعد تشخيص الإصابة بالتصلُّب المتعدد المُترقي الثانوي1.
هذا يعني أنه إذا تم تشخيص إصابتك بالتصلُّب المتعدد المُترقي الثانوي فإنه لا ينبغي عليك أن تغير نمط حياتك فجأة. بدلًا من ذلك، وبما أن الأعراض تتغير بمرور الوقت، فإنه يمكنك أن تُجري عددًا من التغييرات الطفيفة والتدريجية التي من شأنها أن تساعدك على التعايش جيدًا مع هذا المرض. بدأت الأبحاث تُظهر أن التغييرات الصحية التي تطرأ على نمط الحياة قد تساعد على تحسين علاج مرض التصلُّب المتعدد وأعراضه، حتى عندما تترقى الحالة2.
هذه التغييرات التي تطرأ على نمط الحياة ستختلف بين الأشخاص المتعايشين مع مرض التصلُّب المتعدد المُترقي الثانوي لأن كل شخص لديه تجربة مختلفة مع المرض. من المحتمل أيضًا أن يتم تعديل التغييرات اللازمة بمرور الوقت حيث قد تستمر الأعراض في التغيير وقد تتغير أنشطتك اليومية أيضًا.
فيما يلي بعض الأساليب التي قد تكون مفيدة عندما يتعلق الأمر بتحديد التغييرات التي يمكنك إجراؤها لمساعدتك على التعايش بشكل جيد مع التصلُّب المتعدد المُترقي الثانوي:
القوة تكمن في المعرفة: إن من أهم الأمور التي يمكن أن يفعلها أي شخص شُخص بأنه مصاب بالتصلُّب المتعدد المُترقي الثانوي هو التعرف على المزيد عن هذه المرحلة من المرض. فالقوة تكمن في المعرفة، كما أن التعرف على المرض قد يساعدك على الشعور بأنك أكثر استعدادًا لعلاجه. للبدء، راجع مقالتنا التي تتناول كل ما يتعلق بالمراحل المختلفة لمرض التصلُّب المتعدد وكيف تتغير هذه المراحل بمرور الوقت.
افعل أمورًا إبداعية كل يوم: يوجد الكثير من التغييرات البسيطة التي يمكن إجراؤها على الأنشطة اليومية والتي من شأنها مساعدتك على الحفاظ على طاقتك وتُمكنك من التعامل مع أعراض التصلُّب المتعدد المُترقي الثانوي. إن الأمور التي تكون قد فعلتها للتكيُّف مع المرض أثناء حدوث إحدى الانتكاسات قد تصبح الآن حيلًا مفيدة في الحياة اليومية. قد تشمل بعض الأمثلة ما يلي:
- استخدام مقعد لأداء مهام مثل الغسيل أو الكي
- تركيب مقعد في الدش أو إعداد حوض استحمام مزود بباب
- طلب توصيل الوجبات أو مكونات وصفات الطعام إلى منزلك بدلًا من الذهاب إلى المتاجر
عندما يتعلق الأمر بالتصلُّب المتعدد المُترقي الثانوي، فإن أي طرق مفيدة يمكنك التفكير فيها لتوفير الوقت والطاقة كل يوم ستوفر لك المزيد من الطاقة التي تحتاجها للقيام بالأشياء التي تستمتع بها أكثر مثل قضاء الوقت مع الأسرة والأصدقاء. اقض بعض الوقت في ممارسة جميع الأنشطة في روتينك اليومي وأضف تغييرات إبداعية في الطرق التي يمكنك تغييرها لتتناسب مع الأعراض التي تعاني منها. يمكنك حتى أن تُشرك الأسرة والأصدقاء معك للتوصل إلى أفكار (ربما يكون ذلك بديلًا فريدًا للعب ليلًا، أليس كذلك؟).
استفد بالتكنولوجيا: تذكر أن هناك الكثير من الوسائل التكنولوجية التي يمكن أن تجعل الحياة أسهل بالنسبة لك. فالتكنولوجيا المساعدة يمكن أن تتمثل في أي شيء بدءًا من أدوات التحكم لتعديل وضعية الأَسِرَّة والكراسي إلى الأجهزة المنزلية الذكية التي تسمح لك بإضاءة المصابيح، وتشغيل التلفاز، وفتح الباب الأمامي والكثير من المهام الأخرى، إما بضغطة زر أو في بعض الأحيان من خلال ميزة التحكم الصوتي. إنها لفكرة رائعة أن تجري بعض البحث لمعرفة الكيفية التي يمكنك من خلالها تطويع التكنولوجيا لصالحك ومساعدتك في التغلب على الأعراض التي تُعاني منها.
تحرك باستمرار: هناك شيء آخر يجب التفكير فيه وهو استخدام الأدوات المساعدة على التحرك. مع ترقي الأعراض، قد تصبح الأشياء مثل الأدوات المساعدة على المشي ضرورية للغاية. قد يبدو من المخيف التفكير في استخدام شيء مثل عصا المشي أو كرسي متحرك، ولكن إذا كانت تلك الوسائل ستوفر الطاقة ويمكنك الاستمرار في استخدامها لأداء المهام التي تستمتع بها، فقد تكون فكرة جيدة. قد لا تحتاج إلى استخدام الأدوات المساعدة في جميع الأوقات ولكنها قد تكون مفيدة للغاية في الأيام التي تعاني فيها من الإرهاق أو ضعف العضلات بشكل أكثر من المعتاد، حيث ستحافظ على طاقتك. يجد بعض الأشخاص الذين يعانون من التصلُّب المتعدد المُترقي الثانوي أن الدراجات البخارية "أجهزة الأسكوتر" المزودة بمحرك وسيلة رائعة للتحرك ويشعرون بأنها تمنحهم إحساسًا بالحرية. تحدث إلى الطبيب أو الممرض(ة) أو أخصائي التحرك لمعرفة الأنسب لك.
التعامل مع "الضباب المعرفي": إن المشاكل المتعلقة بالذاكرة والتفكير (المشاكل المعرفية) قد تتفاقم مع الإصابة بمرض التصلُّب المتعدد المُترقي الثانوي وقد يكون لذلك تأثير ثانوي على الجوانب الأخرى لمرضك وحياتك. لكن، تمامًا كما هو الحال مع الأعراض البدنية، توجد طرق للتعامل مع الضباب المعرفي أيضًا. تتضمن إعادة التأهيل المعرفي إكمال بعض التمارين المتعلقة بالتعلم والذاكرة بالإضافة إلى إجراء تغييرات عملية لمعالجة مشاكل الذاكرة. قد يستطيع طبيب الأعصاب أو أخصائي علاج معرفي آخر مساعدتك في إعداد خطة لإعادة التأهيل. قد تتضمن بعض التمارين ما يلي:
- استخدام طرق متعددة لمعالجة المعلومات عند تعلم شيء ما، لمساعدتك على التذكر. لذا، فبدلًا من قراءة المعلومات فحسب، انطقها أيضًا بصوت عالٍ ثم اكتبها. ثم كرر ذلك! فالتكرار من الطرق الرائعة حقًا لتحسين الذاكرة.
- إنشاء الارتباطات هو أيضًا من الحيل الرائعة. فعلى سبيل المثال، عند التعرف على اسم شخص ما، فيمكنك أن تربط بين اسمه وبين المكان الذي قابلته فيه، أو بلُون معين، أو شخص آخر تعرفه يحمل الاسم نفسه أو حتى اسم شيء عشوائي يشبه اسم هذا الشخص. إن التعود على إنشاء ارتباطات بسيطة مثل تلك يمكن حقًا أن يساعدك في تذكر المعلومات اليومية.
- التنظيم هو الآخر طريقة عملية للتأكد من أنك على دراية تامة بأي مهام أو فعاليات مهمة وأنك لم تنس أي منها. خصص مكانًا في منزلك ليكون بمثابة "مركز المعلومات" واحتفظ فيه بالتقويم، والبريد، والفواتير، وقائمة المهام، والمفاتيح، والقوائم، وأي شيء آخر من المحتمل أن تحتاج إليه، لكي تعرف أين يوجد. تُعد قوائم التحقق وتذكيرات الهاتف والتقويمات المُفَصلة كلها من الأدوات التي تجعلك مُتحكِمًا بالأمور.3
تذكر أنه من الجيد دائمًا التحدث مع الطبيب، أو أي شخص آخر في الفريق الطبي الخاص بك، لمعرفة أفضل الطرق للتعايش مع مرض التصلُّب المتعدد المُترقي الثانوي والأعراض المحددة التي تُعاني منها. كما هو الحال مع مرض التصلُّب المتعدد المنتكس المعاود، يوجد الكثير من الحيل المفيدة والأفكار لعلاج مرض التصلُّب المتعدد المُترقي الثانوي والتعايش جيدًا مع الحالة.
المراجع: